روح النّبيذ أو العرق - أو كيف يصنع العرق و ما هو تاريخه؟

The story of Wine Soul

تخيّل أنّك تشرب روح النّبيذ وتحتسيها ببطءٍ لتتماهى معك وتصبح جزءاً من روحك. علميّاً هذا هو تماماً ما يعنيه شرب العرق.  فعلى الرغم من اختلاف المذاق، ترتبط صناعة العرق ارتباطاً وثيقاً بصناعة النّبيذ، حيث اعتمدت صناعة العرق قديماً على تقطير النّبيذ نفسه واخراج (عرق النّبيذ أو ماء النّبيذ أو روح النّبيذ) والّذي سمّي لاحقاُ باسم العرق نسبةً إلى عمليّة التّعرّق (الكلمة العربية لإخراج الجسم ماءاً عند النّشاط البدني معناها العرق، وهو ما يحصل في النبيذ عند تقطيره). من البديهي أنّ عمليّة معقّدة كصناعة العرق تحتاج إلى أجهزة خاصّة وليست عمليّة بسيطة كما عمليّة تخمير العنب وانتاج النّبيذ، لذا كان أوّل من وصف عمليّة تقطير العرق بشكل علمي هم الكيميائيون العرب وأوّلهم جابر بن حيان و من قبله تمّ ذكرها بشكل ثانوي في كتب الكندي و ذلك حوالي القرنين الثّامن و التّاسع الميلاديين، و قد تمّ ذكر العرق في الأدب العربيّ منذ العصر العباسيّ. لكنّ الدّلائل الأولى على تصدير العرق تعود إلى القرن الرّابع عشر تمّ تصدير الكحول من الأراضي العربيّة في البحر المتوسط إلى أوروبا.

 يذكر بيغولوتي الكحول وماء الورد ضمن قائمة السلع المصدرة (1310-1340). بحلول القرن الرابع عشر، انتقلت معرفة تقطير النبيذ إلى الشرق والغرب وأصبحت كلمة عرق بأشكالها المختلفة مستخدمة على نطاق واسع، حتّى أن المغول استخدموا كلمة عرق بتحريفها إلى أراكي وذكروها لأول مرة في نص صيني عام 1330. انتشرت الكلمة نفسها في معظم أراضي آسيا وشرق البحر الأبيض المتوسط. 

تنتشر اليوم صناعة العرق في دول شرق المتوسط إضافة إلى انتشار محدود في العراق وإيران. على الّرغم من أنّ معظم المنتجين التقليديين للعرق ينتجونه حسب وصفاتهم الخاصّة في منازلهم وأقبيتهم وبالأخص في لبنان وسورية، إلّا أنّ العرق المنتج في المصانع الكبرى في هذين البلدين يعدّ من أجود أصناف العرق المباع. معظم العائلات تنتج عرقها بنفسها وتقتني الناقص عن مؤونتها من عرق السوق. من الجدير بالذكر أنّ الحرب الأهليّة اللبنانية سابقاً والحرب السّورية الحالية أوقفت الكثير من الأنشطة إلّا أنّ معامل العرق والنّبيذ لم تتأثر ولم تتوقّف على الإنتاج لحظة وذلك على الّرغم من الحرب الدّائرة. 


المصادر: 

1) Forster, Regula (2016). Introducción. Arabic Alchemy. Texts and Contexts. Alquimia árabe. Textos y contextos. Al-Qantara, 37(2):269-2

2) Jābir Ibn Ḥayyān : essai sur l'histoire des idées scientifique dans l'islam : 1. Textes choisis / Edités par Paul Kraus

3) http://www.history-science-technology.com/articles/articles%2072.html

4)Cultural Contacta in Building a Universal Civilization: Islamic Contributions, E. Ihsanoglu (editor), IRCICA< Istanbul, 2005, pp 183-223



المنشور الأحدث