عيد الأب ، يوم الرجل ، أو يوم الصعود

Father's day, Herrentag, or Ascension day

بالنسبة للقادمين الجدد إلى برلين ، المقاطعة المدينة ذات عدد أيام العطلة الأقل بين جميع مقاطعات ألمانيا، فإنّ أيّ يوم عطلة حتى لو التبست المناسبة هو بحد ذاته سبب للاحتفال. ينطبق هذا أكثر ما ينطبق على يوم الخميس القادم حيث تحتفل برلين بيوم الأب، أو يوم الرّجل ، أو يوم الصّعود حسب مدينة برلين.


تبدو الثّلاث مناسبات هذه منفصلة عن بعضها البعض انفصالاً تماماً، و لا تتقاطع إلّا في هذا اليوم. كما أنّ الاحتفالات المبهجة في الشّوارع و شرب البيرة و الحفلات لا يتقاطع في نظر الكثيرن بشكل تامّ مع ما نعرفه عن المناسبات الكنسية الدينية، ممّا يجعل سبب الاحتفال مربكاً و غريباً لكثير من البرلينيين المستحدثين بالأخص ذوي الأصول اللاأوروبية أو أمريكية.


في الحقيقة يعود سبب هذا الالتباس إلى أنّ يوم العطلة يعود للمناسبة الدّينية يوم الصّعود أمّا الاحتفال ف يعود للتقاليد في مدينة برلين و أنحائها منذ بدايات القرن التّاسع عشر بمواكب رجالية تحتفل بالمشروبات في يوم الأب! يمكن مقارنة يوم الأب باحتفالات يوم السيدة في معظم مدن بلاد الشام، حيث أنّ المناسبة الدينية ضئيلة مقارنة بالاحتفالات الكبرى التي تقوم حولها. كما أنّ الاحتفالات تجمع الكثير من الأشخاص المتنوعين و تتضمن الكثير من شرب النبيذ و العرق المحليين ، فيم تتضمن الاحتفالات هنا البيرة دون غيرها من المشروبات.

 

كما لا يتطابق يوم عيد الصعود في الكنائس الشرقية مع الغربية. حيث تحتفل معظم أوروبا بيوم الصعود على التّقويم الغريغوري الغربي.  حين يصعد  يسوع المسيح بالقرب من جبل الزيتون عند القدس إلى السماء بعدما مكوثه 40 يوماً من بعد القيامة يوم الفصح مع تلامذته و رسله لإرشادهم حول كيفية تنفيذ تعاليمه . و قد بدأ الاحتفال بعيد الصعود منذ أواخر القرن الرّابع أوائل القرن الخامس الميلادي. تضمّنت طقوس عيد الصّعود منذ العصور الوسطى مواكباً ترمز إلى موكب الرّسل و تلاميذ المسيح العائدين من جبل الزّيتون. و بدأت ألعاب للرّجال في هذه الاحتفالات منذ القرن التأسع عشر على الأقل في برلين و محيطها.

 

استمرّت الاحتفالات بالمواكب و المشروبات الكحولية ضمن مجموعات حتى القرن التّاسع عشر. كان مركز هذه التقاليد برلين والمناطق المحيطة بها. بالأخصّ مع نموّ المدينة و ازدياد عدد العاملين و الرّجال العازبين المتجمعين في أيام العطلة لاحتساء المشروبات الكحولية. في الحقيقة يرجّح بعض المؤرخين السبب الحقيقي للاحتفال الحالي بالبيرة دون النبيذ مشروب الاحتفالات الديني التقليدي تزايد مصانع البيرة في برلين و حولها.

أي أنّ السّبب في جوهره تجاري. مشابه للسبب الّذي تمّ استيراد عيد الأب عن طريقه من أميركا. حيث أنّ عيد الأب لم يبدأ الاحتفال به قبل ثلاثينات القرن الماضي في أوروبا :. في ذلك الوقت أراد مروجوا الدعاية التجارية إحضار عيد الأب إلى أوروبا. حيث بدأ صانعو السجائر الهولنديون في الترويج لعيد الأب في الثلاثينيات كنظير لعيد الأم أما في النمسا فقد تمّ ترويج القمصان، و في ألمانيا الكرافيتات.

 

كان هذا العيد قد بدأ ك تكريم من فتاة أميركية لوالدها عام 1910. حيث ربّى الأب بعد وفاة زوجته أطفاله السّتة بمفرده.  و على هذا الأساس بدأت الأميركية لويزا دود بتنظيم يوم لتكريم الآباء. كان يوم الأم موجوداً بالفعل في ذلك الوقت فلم لا يكون يوم عيد الأب. انتشر يوم الشرف بسرعة في جميع أنحاء الولايات المتحدة. في وقت مبكر من عام 1924 ، دعا الرئيس آنذاك السكان للاحتفال بهذا اليوم. بعد ذلك بعامين ، تم إنشاء "لجنة الأب الوطنية" في نيويورك ، والتي أرادت تقديم عيد الأب باعتباره عطلة وطنية.

تمّ ربط عيد الأب بعيد الصعود بشكل آلي في أوروبا حيث أن جوهر عيد الصّعود هو عودة الابن لأبيه. كما أنّ يوم الصّعودعطلة في أيام السّنة الدّافئة على جميع الأحوال. لهذا ازداد عدد مجموعات الرّجال المحتفلين و مواكب شرب الكحول مع الوقت.

ترسّخ هذا التقليد ستينات القرن الماضي مع إلغاء جمهورية ألمانيا الديمقراطية للعطلة العامة في عيد الصّعود. و على هذا استمرّ التّقليد في حين انتهت العطلة . و ابتعدت المناسبة عن العطلة الدينية لتترسخ كتقليد في كافة شمال و شرق ألمانيا الحالية.

 

هذا التقليد استمرّ حتى اليوم بالأخص في الشّرق. كما أنّ العناصر الأساسية ك موكب و المشروبات الباردة في سلّات مزينة بالنباتات التقليدية تترسخ أكثر كل عام.

في السّنوات الأخيرة ازداد عدد المحتفلين بمشروبات أخرى كالنبيذ و الجن مع البيرة كما ازداد عدد الحوداث ليزيد إلى ما يصل إلى ثلاثة أضعاف عم يحدث في اليوم العادي. مما أدّى إلى انتقاد تقاليد الاحتفال بهذا العيد بشكل متزايد في برلين و ألمانيا. و تزايد عدد الأصوات الدّاعي لإعادة النّظر في الاحتفال بهذا العيد.

 

يعدّ الكحول تاريخياً جزءاً تقليدياً من جميع الاحتفالات منذ العصور القديمة حتى الآن. و كما في الاحتفالات في سورية و لبنان في عيد السيدة و عيد الصليب، فإنّ النبيذ و العرق جزء لا يتجزّأ من تقاليد الاحتفال بهذه المناسبات. تماماً كما البيرة في يوم الرّجال في ألمانيا.

 

ندعوكم في عنب برلين إلى الاحتفال بعيد الرجال هذا العام مع أنواعنا من المشروبات بوعي و بدون سكر!



بصحتكم.



المنشور الأقدم